سبق في المجلس الثالث أن فرض الصيام كان في أول الأمر على مرحلتين ثم استقرت أحكام الصيام ، فكان الناس فيها أقساما عشرة . ونستعرض الأقسام بأقسام خمسة :
· القسم الأول :
المسلم البالغ العاقل المقيم القادر السالم من الموانع فيجب عليه صوم رمضان أداءً في وقته لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك قال الله تعالى : " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ " وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( إذا رأيتم الهلال فصوموا )) متفق عليه وأجمع المسلمون على وجوب الصيام أداءً على من وصفنا .
فأما الكافر فلا يجب عليه الصيام ولا يصح منه ، لأنه ليس أهلا للعبادة فإذا أسلم في أثناء شهر رمضان لم يلزمه قضاء الأيام الماضية لقوله تعالى : " قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ" وإن أسلم في أثناء يوم نه لزمه إمساك بقية اليوم لأنه صار من أهل الوجوب حين إسلامه ولا يلزمه قضاؤه.
· القسم الثاني :
الصغير فلا يجب عليه الصيام حتى يبلغ ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يفيق )) رواه أحمد وأبوداود والنسائي وصححه الحاكم .
لكن يأمره وليه بالصوم إذا أطاقه تمرينا له على الطاعة وليألفها بعد بلوغه ، اقتداءً بالسلف الصالح رضي الله عنهم ، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يصومون أولادهم وهم صغار ويذهبون إلى المسجد فيجعلون لهم اللعبة من العهن يعني الصوف أو نحوه ، فإذا بكوا من فقد الطعام أعطوهم اللعبة يتلهون بها .
· القسم الثالث :
المجنون – وهو فاقد العقل – فلا يجب عليه الصوم لما سبق من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( رفع القلم عن ثلاثة ...)) الحديث ، ولا يصح منه الصيام لأنه ليس له عقل يعقل به والعبادة وينويها ، والعبادة لا تصح إلا بنيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )) .
· القسم الرابع :
الهرم الذي بلغ الهذيان وسقط تمييزه فلا يجب عليه الصيام ولا الإطعام عنه ، لسقوط التكليف عنه بزوال تمييزه فأشبه الصبي قبل التمييز فإن كان يميز أحيانا ويهذي أحيانا وجب عليه الصوم في حال تمييزه .ِِ
· القسم الخامس :
العاجز عن الصيام عجزا مستمرا لا يرجى زواله كالكبير والمريض مرضا لا يرجى برؤه كصاحب السرطان ونحوه فلا يجب عليه الصيام لأنه لا يستطيعه وقد قال الله تعالى : " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكينا ، لأن الله سبحانه جعل الإطعام معادلا للصيام حين كان التخيير بينهما أول ما فرض الصيام فتعين أن يكون بدلا عن الصيام عند العجز عنه لأنه معادلة .
ويخير الإطعام بين أن يفرقه حبا على المساكين لكل واحد مد من البر ( ربع صاع النبوي ) ووزنه – أي – المد ( نصف كيلو وعشرة غرامات بالبر الرزين الجيد وبين أن يصلح طعاما فيدعو إليه مساكين بقدر الأيام التي عليهِ